حين تتكاثر الجراح وتشتد المحن في غزة، نكون نحن الصوت الذي لا يصمت، واليد التي لا تتأخر، والرحمة التي تعبر الحصار

معلومات التواصل

فلسطين غزة +97 (056) - 613 - 6638 info@laaith.org
نازحون في مركز إيواء بغزة يستفيدون من المأوى والدعم الإنساني العاجل

انعدمت البيوت، “قصف الاحتلال الإسرائيلي كل ذكرياتي”، “لم يكن مجرد حجارة، بل حياة، أمان، وقصة”، “هنا عاشت جدتي، وهنا ولدت أنا، وهذه الردم آخر ما تبقى من مسكننا”، كلماتٌ تسمع صداها عشرات المرات، كل يوم، كل لحظة!

تتبّع الاحتلال سياسته الممنهجة في تدمير البيوت، وإبقاء السكان على قارعة الطريق يبكون أحلامهم، مساكنهم، وتفاصيل عاشوها برفقة أحبابهم ضمتها جدرانٌ صمّاء حسًا، تضجّ حياةً معنى، كفقاعةِ أحلامٍ بددتها صواريخ الحرب

فظهرت مراكز الإيواء في غزة، كخط أمامي في مواجهة النزوح والحرب، ملاذًا مؤقتًا لعشرات الآلاف من النازحين في غزة، الذي اضطروا لترك منازلهم هربًا من العنف والدمار، ليلقوا أنفسهم بين ليلة وضحاها بلا مأوى.

مراكز الإيواء في غزة

تتحوّل المدارس التابعة للأونروا إلى مراكز إيواءٍ توفّر الحدّ الأدنى من مقومات الحياة الأساسية، كمكانٍ آمنٍ للمبيت، وجبات طعام، مياه، ومرافق صحية ورعاية أولية صحية إضافة إلى دعم نفسي واجتماعي.

الغرف التي كانت تسمّى فصولاً دراسية أضحت اليوم بيوتًا تحتضن عائلات ممتدة، يزيد عددها عن 15 شخصا في الفصل الواحد، تُشرف عليها وكالة الأونروا، ومنظمات إغاثية دولية بالتنسيق مع الجهات المحلية، محاولةً تخفيف معاناة النازحين، وضمان حقوقهم الإنسانية.

 ومع العدوان الإسرائيلي، نزح مليونَا فلسطيني من منازلهم، يعيشون في ظروف إنسانية صعبة، وفقًا لبيان صادر عن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.

كيف تخفف مراكز الإيواء من معاناة النازحين؟

تؤدي الغارات المتواصلة إلى تدمير المنازل، المستشفيات، المدارس، والمساجد، مما يجعل الحياة في كثير من المناطق مستحيلة، كما أن نقص الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء والغذاء والرعاية الصحية يُجبر الناس على التنقل من منطقة إلى أخرى بحثًا عن الأمان.

تحاول مراكز الإيواء لعب دورًا حيويًا في التخفيف معاناة النازحين اليومية، من خلال توفير أولى الحاجات الأساسية وهي المأوى المؤقت للنازحين الذين فقدوا منازلهم بسبب القصف والدمار، وتوفير الحد الأدنى من الأمان والخصوصية للأسر.

وتعمل مراكز الإيواء بالتعاون مع منظمات إنسانية على توزيع المساعدات الغذائية، المياه النظيفة، الأغطية، والملابس، مما يساهم في تخفيف معاناة النزوح، ويحافظ إلى حدٍ على الكرامة الإنسانية في ظل ظروف معيشية قاسية.

وتوفر بعض مراكز الإيواء برامج دعم نفسي واجتماعي تساعد النازحين خاصة الأطفال، على التعبير عن مشاعرهم والتأقلم مع الواقع الجديد، مما يخفف من التوتر والضغط النفسي، ويعزّز روح التضامن المجتمعي والصمود المشترك في وجه المحنة.

لكن استمرار فعاليتها يتطلب دعمًا مستمرًا من المجتمع الدولي، وضمان توفير الموارد اللازمة لتلبية احتياجات النازحين المتزايدة، وحماية هذه المراكز من الاستهداف والقصف الإسرائيلي.

ويواجه الفلسطينيون نقًصا كبيًرا في الوقود والأدوية وغيرها من الضروريات الحياتية، في ظل إغلاق إسرائيل للمعابر، والأعداد الكبيرة من النازحين التي تحتاج مساعدات إنسانية.

ويعاني الفلسطينيون من أوضاع مالية صعبة، حيث لا يوجد لهم مصدر دخل في ظل استمرار الحرب الهمجية، واحتلال الجيش الإسرائيلي معبر رفح، الذي يعد الممر الرئيس لدخول المساعدات إلى القطاع ولسفر المرضى والجرحى للعلاج في الخارج.

انتشار الأمراض في مخيمات النزوح في غزة

في ظل واقع القاسي، تفرضه الحرب الإسرائيلية على القطاع، لم تعد المعاناة تقتصر على فقدان المأوى والطعام، بل امتدت إلى خطر كبير يهدد حياة النازحين، إذ باتت هذه المخيمات تساهم في تفشي الأمراض، كونها بيئة مكتظة لا تتوفر فيها مرافق صحية كافية أو بنية تحتية للصرف الصحي.

هذا الوضع يؤدي إلى تراكم النفايات، واختلاط المياه العادمة بمصادر الشرب، ما يخلق بيئة مثالية لانتقال الأمراض المعدية، كالإسهال الحاد، التهابات الجهاز التنفسي، الأمراض الجلدية، الجرب والقمل، والتهاب الكبد الوبائي. 

إضافة إلى نقص المياه النظيفة، الذي أدى بكثير من العائلات لاستخدام مياه ملوثة للشرب أو النظافة، ما يؤدي إلى زيادة حالات التسمم والإسهال، خاصة بين الأطفال الذين يُعتبرون الفئة الأكثر عرضة للمضاعفات الصحية.

وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي بقطاع غزة، يوجد حوالي 20 ألف حالة عدوى بالتهاب الكبد الوبائي الفيروسي نتيجة للنزوح بالقطاع.

وحذرت وكالة الأونروا في 24 مايو/أيار الجاري، من أن أعداد المصابين بالأمراض المعدية تتزايد في القطاع، وفق ما تبيّن تقارير منظمة الصحة العالمية.

وفي أبريل/نيسان الماضي أشار مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أوتشا، إلى تفاقم أزمة الصرف الصحي الخطيرة في الأصل مع اقتراب فصل الصيف، لا سيما بعد انهيار نظام معالجة مياه الصرف الصحي.

ويشكو سكان غزة من تكاثر حشرات البعوض والقوارض، مع تكدس النفايات وتسرّب مياه الصرف الصحي، إضافة إلى الخطر المتمثل بالجثث المتحللة تحت الأنقاض دون التمكن من انتشالها في ظل الحرب الإسرائيلية المستمرة.

وساعد الازدحام الشديد داخل غرف ضيقة دون تهوية على انتقال الفيروسات بسرعة، ومع قلة الأدوية والرعاية الصحية، تتحول العدوى البسيطة إلى خطر حقيقي على حياة السكان.

في ظل انهيار النظام الصحي في غزة، وعدم قدرة المستشفيات والمراكز الطبية على استيعاب الأعداد المتزايدة من المرضى، تتفاقم معاناة النازحين الذين يعجزون عن تلقي العلاج المناسب، ويزيد نقص الأدوية والمستلزمات الطبية من خطر تفشي الأوبئة.

إن إنقاذ سكان غزة، يتطلب تحركًا عاجلًا من الجهات الدولية والمنظمات الإنسانية لتوفير مياه نظيفة، مرافق صحية، وأدوية، إلى جانب الضغط لوقف الاعتداءات وضمان حق الفلسطينيين في حياة كريمة وآمنة.

إترك تعليقا