حين تتكاثر الجراح وتشتد المحن في غزة، نكون نحن الصوت الذي لا يصمت، واليد التي لا تتأخر، والرحمة التي تعبر الحصار

معلومات التواصل

فلسطين غزة +97 (056) - 613 - 6638 info@laaith.org

الجوع في غزة: عائلات نازحة تطهو الطعام على رماد المنازل المدمرة

في مشهد يُجسّد واحدة من أقسى صور المعاناة الإنسانية، تُضطر مئات العائلات النازحة في قطاع غزة إلى طهي الطعام على أنقاض منازلها المدمرة، بعد أن فقدت كل شيء، حتى أدوات الطهو والغاز.

تُستخدم الأخشاب المحترقة، وقطع الأثاث المهترئة، وأحيانًا أبواب البيوت المحطمة، كوقود لطهي وجبات بسيطة إن وُجدت، هذه الصورة القاسية ليست استثناءً، بل باتت واقعًا يوميًا في ظل أزمة غذاء خانقة تعصف بغزة.

أزمة الجوع تتفاقم في غزة: مشاهد لا تُحتمل

بات الجوع واقع يومي مرير يعيشه الناس بكل تفاصيله القاسية، في الشوارع والمخيمات، في أزقة المدن المدمرة وتحت الخيام الممزقة، تتكرر مشاهد لا تُحتمل أطفال يبكون من الجوع، أمهات لا يجدن ما يقدمنه لصغارهن، وشيوخ يفترشون الأرض بانتظار لقمة تسند أجسادهم المنهكة.

في ظل الانقطاع الكامل للوقود والغاز، أصبحت النيران المكشوفة، المصنوعة من الخشب أو بقايا الأثاث، الوسيلة الوحيدة للطهي.

الطحين شبه معدوم، والماء النظيف شحيح، والخضروات أصبحت رفاهية لا يملكها أحد، بعض العائلات تطهو الأرز فقط، دون أي إضافات، وأخرى تكتفي بحساء العدس — إن وجد، هذا ليس فقرًا فقط، بل انهيار كامل في الأمن الغذائي.

الوجوه الصغيرة في غزة لم تعد تبتسم كما كانت، عيون غائرة، بشرة شاحبة، وأجساد هزيلة، كلها علامات واضحة على سوء التغذية والجوع الشديد.

الأطفال يبحثون عن بقايا الطعام في الشوارع أو بين الأنقاض، بينما تحاول أمهاتهم تهدئتهم بوعد كاذب بأن “الطعام في الطريق”، لكنها وعود تموت مع كل غروب شمس جديدة دون وجبة.

في كل خيمة من خيام النزوح، قصة مؤلمة امرأة تحاول إطعام طفلها بماء وسكر، أو رجل يبكي لأنه لا يستطيع توفير قوت يومه.

تقف العائلات في طوابير طويلة أمام مراكز توزيع الطعام، آملين في علبة أرز أو كيس دقيق، البعض ينتظر لساعات دون أن يحصل على شيء، فيعود بخيبة ثقيلة إلى أطفاله الجائعين.

تقارير المنظمات الدولية تحذر من أن غزة على شفا مجاعة واسعة النطاق، ومع غياب أي حل سياسي أو فتح دائم للمعابر، فإن الوضع يزداد سوءًا.

آلاف المرضى لا يحصلون على تغذية مناسبة، والأطفال في مراكز الإيواء يعانون من سوء تغذية حاد قد يؤدي إلى آثار صحية طويلة الأمد، أو حتى الوفاة.

ما يحدث في غزة اليوم ليس مجرد أزمة، بل كارثة إنسانية متفاقمة، تستدعي استجابة فورية من العالم أجمع.

لا يجب أن تكون صور الجوع والبكاء والنار المشتعلة تحت القدور البدائية مجرد مشاهد عابرة في نشرات الأخبار، إنها صرخة من تحت الأنقاض، تطالب بالكرامة، بالخبز، بالحياة.

رماد المنازل بدل الغاز واقع مأساوي لعائلات نازحة

أصبحت أنقاض المنازل وقودًا للطهي فمع انقطاع الغاز، وندرة الوقود، وغياب أدوات الحياة الأساسية، لجأت مئات العائلات النازحة إلى استخدام رماد منازلها المهدمة وأخشاب الأثاث المحطّم لتأمين وجبة متواضعة لأطفالها.

إنه مشهد يلخّص واقعًا مأساويًا يعيشه آلاف الفلسطينيين تحت الحصار والنزوح والجوع.

تجلس نساء نازحات على حجارة مدمّرة، يوقدن نارًا بسيطة تحت قدور صدئة، يضعن فيها حفنة من العدس أو الأرز – إن وُجد – في محاولة لصنع وجبة تسد الرمق.

تُجمع الأخشاب من الأبواب المكسورة، والنوافذ المحترقة، وحتى من أسقف البيوت المنهارة. في غزة، لم يعد الغاز رفاهية نادرة، بل أصبح من الذكريات.

حول هذه المواقد البدائية، يجلس الأطفال في انتظار وجبتهم الوحيدة في اليوم. وجوههم مليئة بالترقّب، وعيونهم متعبة من الجوع. بينما تتصاعد رائحة الخشب المحترق، يختلط الرماد بالبخار، في مشهد يختصر معاناة شعب يُطهى على وجعه ويأكل من صبره..

المأساة لا تقف عند غياب الغاز أو أدوات الطهي، بل تمتد إلى نقص حاد في المواد الغذائية لا طحين، ولا حليب، ولا خضروات.

كل ما تُطهى عليه النار هو ما بقي من مساعدات بسيطة، أو بقايا مؤن أُخرجت من تحت الركام، أما المياه، فهي غير صالحة للشرب في كثير من المناطق، ويُستخدم القليل منها للطهو فقط.

هذا الواقع المأساوي يُظهر الحاجة العاجلة إلى تدخل دولي فوري، ليس فقط لتوفير الغذاء، بل لتأمين الوقود، الغاز، وأدوات الطهي، وإعادة البنية التحتية للحياة في غزة.

فأن تطهو عائلة على رماد منزلها المدمر، فهذه ليست فقط مأساة، بل صرخة مفتوحة للعالم أن ينقذ ما تبقى من إنسانية في هذا المكان.

أطفال جائعون في انتظار وجبة واحدة يوميًا

في المخيمات المكتظة، وبين الخيام الممزقة، ترى أطفالًا هزلى يجلسون على الأرض، ينتظرون بصمت وأمل ضعيف وجبتهم الوحيدة في اليوم — وجبة قد تكون عدسًا مسلوقًا أو أرزًا بلا زيت ولا لحم، لكنها تعني لهم كل شيء.

منذ ساعات الصباح الأولى، تبدأ طوابير الأطفال بالتشكل أمام مراكز التوزيع أو “تكايا غزة”، التي تحاول قدر الإمكان توفير الطعام للنازحين.

بعضهم يمضي ساعات واقفًا تحت الشمس الحارقة أو البرد، يحملون أواني فارغة بأيدي صغيرة، وكل ما يملكونه هو الرجاء بأن يصلهم الدور قبل نفاد الطعام.

الجوع لا يُضعف الأجساد فقط، بل يسرق الطفولة لا ألعاب، لا طاقة للركض أو الضحك، فقط وجوه شاحبة وعيون مليئة بالأسئلة.

كثير من الأطفال فقدوا الوزن بشكل مخيف، وآخرون يعانون من أعراض سوء التغذية: دوخة، خمول، وبكاء متكرر، بعض الأمهات يضطررن لإعطاء أبنائهن الماء والسكر فقط، حتى يأتي موعد الوجبة المنتظرة.

حتى هذه الوجبة الوحيدة، التي تأتي غالبًا من مطبخ خيري أو تكية شعبية، لا تكفي لسد جوع الطفل طوال اليوم لكنها تبقى الخيار الوحيد في ظل انعدام الموارد، وغياب دخل الأسرة، وانهيار الأسواق، في كثير من الأحيان، تتقاسم الأسرة الواحدة وجبة طفل، في محاولة للبقاء على قيد الحياة.

الأطفال الجائعون في غزة يواجهون مستقبلًا صحيًا مهددًا نقص البروتين، الحديد، والفيتامينات يؤدي إلى مشاكل في النمو، تركيز ضعيف، وانخفاض في المناعة، وفي بيئة ملوثة ومزدحمة، يصبح هؤلاء الأطفال أكثر عرضة للأمراض والعدوى.

جيل كامل يكبر على الجوع، على الخوف، وعلى الانتظار أطفال ينتظرون وجبة، ويستحقون حياة وما لم يتحرك العالم لتأمين الغذاء، ورفع الحصار، وتقديم الدعم الفعلي، فإن وجبتهم الوحيدة اليوم قد لا تكون مضمونة غدًا.

ما يحدث في غزة اليوم كارثة إنسانية متفاقمة، تستدعي استجابة فورية من العالم أجمع، لا يجب أن تكون صور الجوع والبكاء والنار المشتعلة تحت القدور البدائية مجرد مشاهد عابرة في نشرات الأخبار إنها صرخة من تحت الأنقاض، تطالب بالكرامة، بالخبز، بالحياة.